شم دوت نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الرجل الذي باع عبق التاريخ

اذهب الى الأسفل

الرجل الذي باع عبق التاريخ Empty الرجل الذي باع عبق التاريخ

مُساهمة  ايمن الشيمى الخميس فبراير 26, 2009 7:09 pm

حين بنى الأمريكيون الجسر الخشبي الموصل بين ضفتي أحياء مانهاتن وبروكلين في مدينة نيويورك، فإنه كان أطول جسر معلق في العالم - في وقت الانتهاء منه: يناير 1883 وكان اسمه جسر بروكلين ونيويورك، ثم اختصره الأمريكيون إلى جسر بروكلين، وكان من أهم رموز مدينة نيويورك، واستغرق بناؤه 13 سنة.

أما قصتنا اليوم فتدور حول شاب أمريكي من نيوجيرسي، بدأ يقرأ الكتب التي تحدثت عن فنون العلاقات العامة، أو سمها ‘فنون التعامل مع وسائل الإعلام‘ إن شئت، وكان بول هارتونيان يقرأ الكتاب منها ثم يطبق ما جاء فيه، ويحاول لفت انتباه وسائل الإعلام، لكن لا يصيب النجاح، وكان يقرأ الكتاب التالي، ويطبق ما فيه وتتكرر النتيجة، ولما تعددت القراءات ومرات الفشل، توصل إلى نتيجة مفادها: ماذا لو كانت هذه الكتب على غير حق، وأن عليه هو الإبداع والتوصل إلى معادلة تجعله يتمكن من لفت انتباه وسائل الإعلام لتتحدث عما كان يروج له.

بعدها بدأ بول يحقق بعض النجاحات الصغيرة، وبدا كما لو كان وضع يده على طرق احتراف العلاقات العامة، لكنه كان يبحث عن الضربة الساحقة: الخبر الذي يجبر كل وسائل الإعلام والصحافة على الاستماع لما يقوله. كان هذا الأمر يشغل تفكيره ليلا ونهارا، فهو أصبح قادرا على كتابة بيان صحفي ناجح، لكن ما كان ينقصه هو القصة المؤثرة والخبر عظيم الأهمية.

وحال تفكيره كذلك، إذا به يشاهد مقابلة تليفزيونية مع مقاول تغيير ممرات المشاة الخشبية على متن جسر بروكلين، لأن الخشب تآكل ولم يعد آمنا، وكان هذا الخشب المتعفن المتهالك هو الخشب الأصلي المستعمل عند بناء الجسر لأول مرة. أسرع بول بالاتصال برقم هاتف هذا المقاول (كان رقم هاتف الرجل مكتوبا على سيارته والتي ظهرت في خلفية التقرير التليفزيوني أثناء المقابلة!!) وسأله بول: ماذا ستفعل بكل هذا الخشب القديم؟ رد الرجل: سأتخلص منه بالطبع، إنه بلا قيمة. بول: ما رأيك في أن أشتريه منك لقاء 500 دولار على أن توصله إلى منزلي، أنا أقطن على بعد 30 دقيقة من الجسر. المقاول: سيكون عندك بالتأكيد.

الاتصال الهاتفي الثاني والتالي كان مع شخص آخر تولى تقطيع قطع الخشب هذه إلى مربعات صغيرة، ثم قام بول إلى آلته الكاتبة، وخلال 15 دقيقة كان كتب البيان الصحفي الذي اشتهر على مستوى العالم، وظل الناس يتكلمون عنه، ويذكرونه في كتب التسويق والعلاقات العامة، وكان عنوانه كالتالي: رجل من نيوجيرسي يبيع جسر بروكلين… مقابل 14.95 دولار!

بعدها عكف بول على تصميم ورقة بسيطة عملت مثل شهادة منه تثبت أصالة قطعة شريحة الخشب الملصقة أعلى ورقة هذه الشهادة، ثم كتب أسفل قطعة الخشب هذه ملخصا لقصة الجسر وبعض المعلومات عنه، ثم ذيلها بأن هذه الورقة تشهد بأن قطعة الخشب هذه أصلية، شكلت جزءا من الأعمدة الخشبية المستعملة في بناء جسر بروكلين. بعدها ذهب بول إلى صديق له يعمل في مطبعة، والذي طبع له مئات النسخ، أرسلها بول بالبريد العادي إلى أشهر العاملين في مجال الصحافة والإعلام، قرابة المائتين شخص.

لم يحدث شيء في اليوم الأول، فالبريد كان بطيئا وقتها، لكن في اليوم التالي كان بول على موعد مع ما لم يتوقعه، إذ تحقق حلمه، وبدأ هاتفه لا يعرف البقاء بدون رنين، وبدأ المراسلون الصحفيون يتوافدون على بيته، وبدأ يجري مقابلات مع الصحف ومع محطات الراديو، وبدأ الصحفيون من خارج نيويورك يتقاطرون عليه لمقابلته، حتى أن محطة CNN أرسلت سيارتها ذات الهوائيات الضخمة لتبث قصة بول للشعب الأمريكي كله، كل نصف ساعة وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية.

هذا الاهتمام الصحافي استمر ستة شهور، وبدأ بعدها الاهتمام يفتر، حتى تحدث برنامج تليفزيوني عن شهادات بول، ومرة أخرى، عادت التليفون للرنين، وعادت الصحف والمجلات ومحطات الراديو للحديث عن الرجل الذي باع جسر بروكلين… قطعة قطعة.

والآن، هل توقف بول عند حدود جسر بروكلين؟ لا، لقد كررها مع الستائر الحمراء القديمة للبيت الأبيض بعد التخلص منها عند إعادة تزيينه، وفعل الأمر ذاته مع قماش من منطاد زيبلين الشهير، ومع أحجار من كنيسة شهيرة، ومع خيوط الصلب التي حملت جسرا آخر، وهكذا الكثير.

هل يمكن تكرار الأمر في بلادنا، هذا هو السؤال
بالطبع، المقارنة مع صناعة الإعلام العربية ستكون ظالمة، فمن جهة، إذا فعلنا الشيء ذاته فربما نظر العديد من الناس إلى الأمر على أنه وسيلة نصب واحتيال، أو أنه فكرة غير مجدية، وأظن كذلك سيكون رأي وسائل الإعلام عندنا، وحتى تلك التي ربما تناولت خبر كهذا، ستتناوله ضمن أخبار الحمقى والمخرفين، ولن تأخذه على محمل الجد.

على أن كل هذا يجب أن يتغير، يجب أن نغير طريقة تفكيرنا، ومن بعدها سيتغير حالنا، تشجيع مثل هذه الأفكار المقبولة، غير المبالغ فيها، مطلوب، لخلق فرص عمل وتجارة لأفراد المجتمع. أتطلع لأن نرى مثل هذه الأفكار منفذة في عالمنا العربي، ففي الإمارات ستجد لوحات تضم سبع أكوام رمل مختلفة اللون، كل كومة تأتي من إمارة مختلفة (إذا لم تكن قد رأيتها فربما كان السبب الغلاء الفاحش غير المقبول لثمن هذه الأكوام)، والأمر ذاته يمكن تكراره في جميع البلاد العربية.

تخيل لو شاهدت شهادة مماثلة، باللغتين العربية والانجليزية، تحكي أن قطعة الصخر / كومة الرمال هذه مأخوذة من صحراء الجيزة حيث تقع الأهرامات، أو كومة رمال من شاطئ غزة، أو كومة رمال من حول المسجد الأقصى في القدس الشريف، أو ربما طورنا الفكرة أكثر ورسمنا خريطة فلسطين برمال فلسطين، وحكينا قصتها بعدة لغات وشرحنا قضيتنا بها.

إن الأفكار كثيرة، فماذا هبط عليك منها؟ وهل ستسرع لتنفذ فكرة مثل هذه أو قريبة منها؟ أخبرني حتى أكتب عنها هنا.
ايمن الشيمى
ايمن الشيمى
مشرف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجل الذي باع عبق التاريخ Empty قصة نجاح ايه تي آي ATi

مُساهمة  ايمن الشيمى الخميس فبراير 26, 2009 7:16 pm

بطلنا اليوم عزيز قوم ذل، اسمه كوك يون هو، المولود في عام 1950 لأسرة كانت ذات عهد سابق بالثراء، فقدته على يد الثورة الصينية الشيوعية. عاش -من كان متوقعًا له رغد العيش- طفولته في فقر مدقع. كان كوك أصغر أفراد عائلته، وقضى شبابه في بيع الخضروات التي كانت عائلته تزرعها في حديقتهم. اضطر والده -تحت ضغط تكاليف العيش- لأن يهاجر إلى هونج كونج ليعمل في مصانعها، حيث أخذ يرسل ما توفر له من دراهم معدودة إلى عائلته لتبقي أودهم. في عام 1962 اجتمع شمل الأسرة الكبيرة مرة أخرى في مدينة هونج كونج، في شقة من غرفة واحدة.

موعد كوك الأول مع طريق النجاح كان حصوله على منحة دراسية في جامعة شينج كونج التايوانية، خصصها لدراسة الهندسة الكهربية. بعدما تخرج في عام 1974، تمكن من العمل في شركات كنترول داتا ثم فيليبس ثم ناشيونال، وأخيرًا شغل وظيفة المدير العام لشركة إلكترونيات ونج، والتي ازدهرت في تصنيع وتجميع أجهزة الكمبيوتر. في عام 1984 هاجر كوك إلى كندا، إلا أنه وبالرغم من خبرة عقد من الزمن ودرجاته العلمية المرموقة، لم يجد كوك وظيفة في المهجر تضاهي تلك الوظائف التي شغلها في هونج كونج.

في حياة كل ناجح لحظات يأس وقنوط، يحولها الأمل إلى لحظات ميلاد النجاح. قرر كوك مشاركة بنـِي لوْ و لـِي لوْ، خريجا جامعة تورنتو وأصحاب شركة كمبيوتر ناجحة (كوم واي). قرر الثلاثة وضع كل شيء على المحك، قرروا وضع كل مدخراتهم ومدخرات أصدقائهم وأقاربهم، لتأسيس شركة تصنيع مكونات أجهزة الكمبيوتر، 300 ألف دولار من أجل تأسيس شركة Array Technologies Industry أو ايه تي آي اختصارًا. أول منتج للشركة الناشئة كان بطاقة ترقية تزيد ذاكرة الكمبيوتر وتضيف له مخرج تسلسلي وآخر للطباعة.

تغير اسم الشركة بعد ذلك إلى Array Technologies Inc. ثم إلى ATi Technologies Inc. أو ما يمكن تسميته “تقنيات المصفوفة”، وهذا الاسم كان يرمز إلى الطريقة المتبعة وقتها في تصنيع الشرائح الإلكترونية، وغني عن القول بأن هذه التقنية استبدلت بعدها بتقنيات أخرى أحدث منها، لكن الاسم بقى كما هو! الجدير بالذكر أنه في هذا الوقت من طفولة صناعة الحواسيب، كانت بطاقات العرض أحادية اللون، فلقد احتاج الأمر الانتظار حتى عام 1986 لخروج أول بطاقة عرض ملونة إلى الأسواق.

انتهزت ايه تي آي الفرصة، وطرحت بطاقة عرض أسمتها في آي بي وهي وفرت إمكانية الجمع ما بين كل المعايير المتبعة في المنتجات الأخرى المتوفرة في السوق. لقد كانت الشركة تتلمس طريقها لتتخصص في تصنيع الشرائح الإلكترونية المسئولة عن كل ما يتحرك على شاشة الكمبيوتر -أو ما نسميه اليوم بطاقات العرض- والذي جاء لسبب بسيط: وقتها كانت تلك البطاقات من البساطة بمكان بحيث يمكن لرأس المال المجموع أن يؤسس شركة تصنيع يمكن لها أن تنجح. هذا القرار كانت من بنات أفكار كوك وكان عام 1987 بداية التركيز الكامل على هذه الفكرة، خاصة مع إطلاق بطاقتي ايجا وندرز وفيجا وندرز لحواسيب آي بي ام.

بدأت شركة ايه تي آي بقوة ستة موظفين فقط. كونها شركة كندية ناشئة (مجهولة) جعل مصنعي أجهزة الكمبيوتر مترددين في التعامل معها. بعد مرور أربعة شهور كان رأس المال قد نفد بالكامل. تدخل بنك سنغافورة الوطني ليقرض الشركة الوليدة بعض المال (قرض قدره 300 ألف سرعان ما زاد إلى مليون ونصف) ما أكسبها بعض الوقت.

على الرغم من مشاكل البداية للشركة، لكنها كانت بحاجة لتصميم شريحة إلكترونية واحدة كي تنقذ الشركة من حافة الإفلاس. جاء الفرج حين وصل طلب شراء من شركة كومودور التي كانت في أمس الحاجة لمن يمدها بشرائح رسومية وبسرعة. تمكنت ايه تي آي من تصنيع 7000 آلاف شريحة أسبوعياً وتسليمها لشركة كومودور، وبنهاية العام، كانت العوائد المالية بلغت عشرة ملايين دولار.

يتطلب النجاح دائمًا مزج الإدارة المالية الذكية مع الإبداع التقني لتحقيق مبيعات تضمن استمرار الشركة مع استمرار الإبداع والاختراع. في عام 1994 أطلقت الشركة منتجها العبقري شريحة ماخ64 وسبب العبقرية أن هذه الشريحة كانت من القوة بحيث تستطيع عرض أفلام الفيديو على شاشة الكمبيوتر دون الحاجة لشرائح إلكترونية إضافية (في تلك الأيام، كان هذا الأمر أعجوبة). مكنت هذه الشريحة كذلك من تشغيل الأفلام المضغوطة بنظام MPEG-1 على الكمبيوترات دون الحاجة لبطاقات ريل ماجيك غالية الثمن. هذه الشريحة كانت أساسًا لكثير من الشرائح التالية الشهيرة والتي أصابت النجاح الكبير والشهرة فيما بعد، وساعدت الشركة على طرح بطاقات عرض تسمح بإدخال عروض الفيديو على الكمبيوتر ومن ثم تحريرها وتعديلها، مرة أخرى دون الحاجة لأجهزة متخصصة غالية الثمن.

في عام 1997 اشترت ايه تي آي شركة تي-سنج لابز، المتخصصة في تصنيع الشرائح الرسومية، ما ضم إليها 40 مهندسًا متخصصًا. في عام 1998 تخطت عوائد الشركة المليار دولار، وتم اختيار كوك كرجل أعمال العام في كندا. في عام 2000 اشترت كذلك شركة أرت-اكس (الشركة التي صممت شريحة الرسوميات لجهاز ألعاب نينتندو جيم-كيوب) ومنها دخلت في شراكة طويلة مع نينتندو نتج عنها تصنيع الشريحة الرسومية في جهاز نينتندو المنتظر ويي. بعدها أعلنت مايكروسوفت تعهدها بتصنيع شريحة جهاز الأولى اكس بوكس360 إلى شركة إي تي آي. في عام 2002 طرحت الشركة أول معالج رسوميات مخصص لكمبيوتر الجيب وللهواتف النقالة. في عام 2004 تنحى كوك عن رئاسة مجلس إدارة الشركة، مع استمراره عضوًا في هذا المجلس. في عام 2005 تم إعلان ايه تي آي كأكبر شركة تصنيع معالجات رسومية في العالم.

أخيرا، تم الإعلان عن اندماج شركة ايه تي آي مع شركة أيه ام دي لتصنيع معالجات البيانات للحواسيب، في شركة واحدة يُتوقع لها الكثير، على أن هذا الاندماج لا زال ينتظر موافقة المساهمين
ايمن الشيمى
ايمن الشيمى
مشرف


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى